الجدل والاستدلال في القرءان الكريم
كان عماد النبي صلى الله عليه وسلم في مجادلة المشركين وأهل الكتاب وغيرهم القرءان الكريم ,
يحتج به عليهم لإثبات دعواه , وكلما أوردوا اعتراضا نزل في الرد عليهم قرءان يتلى , يعلن لهم به وضح الحق , ويرد كيدهم في نحورهم .
وكتاب الله تعالى فوق أنه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى , وفوق أنه اشتمل على الرد على اعتراض المشركين وغيرهم على الإسلام ,هو فوق ذلك كله المثل الأعلى الكامل الذي لايرتقي إلى بيانه محتج أو متكلم , ولايداني أساليب احتجاجه واستدلاله مستدل أو مجادل .
لذلك وجب أن نعرف شيئا من أساليب جدله واستدلاله ,
لاطمعا في محاكاته , ولكن للإقتباس من نوره والاهتداء بهديه
والمظهر العام للجدل في القرءان معاملة الخصوم بما يتناسب مع أحوالهم العلمية والاعتقادية ,
فطبائع الناس مختلفة , وأهواؤهم متضاربة , ومسالكهم في طلب الحق متفاوتة .
فكثيرا ما نجد جدل القرءان مع المشركين جدل هداية ودلالة , وقد يشتمل على تخطئة بعض مزاعمهم,
بينما يكون مع أهل الكتاب جدل تخطئة وإلزام لأنهم على علم , أما جدل القرءان مع المنافقين فتبدو عليه سمات الشدة والقسوة مصحوبا بالتهديد والوعيد .
إشتمل القرءان الكريم على مناهج في الاستدلال والجدل والتأثير تبين الكثير من أحوال الجماعات الفكرية والنفسية ,
وتكشف عن أدق نواميس النفس الإنسانية , وفي مناهجه البيانية المثل الأعلى للكلام المؤثر والحجج الدامغة .
والقرءان الكريم نزل بالشريعة الأبدية التي بعث الله بها النبي صلى الله عليه وسلم للناس كافة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها,
لذلك جاء القرءان العزيزحجة الرسول الكبرى , وفيه من الأدلة والمناهج العقلية ما يقنع الناس جميعا على اختلاف أصنافهم وتباين مداركهم وأفهامهم ,
وجاء أسلوبه البياني والفكري بحيث لايعلو على مدارك طائفة ولاينزل على مدارك أخرى , بل يصل إلى مدارك الجميع ,
يجد فيه الفيلسوف بغيته , والمثقف مطلبه , والعامة غايتهم .
( يتبع)
( تعريف الجدل )